إن أكرمكم عند الله أتقاكم
قال تعالى في كتابه العزيز : ( يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )
ذكر القرطبي سبب نزول هذه الآية فيما رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كان يوم فتح مكة أمر النبي صلّىالله عليه وسلّم بلالاً حتى علا على ظهر الكعبة فأذّن ، فقال عتّاب بن أسيد بن أبي العيص : الحمد لله الذي قبض أبي حنى لايرى هذا اليوم ، وقال الحارث بن هشام : ما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذّناً ، وقال سهيل بن عمرو : إنْ يرد الله شيئاً يغيّره ، وقال أبو سفيان : إني لا أقول شيئاً أخاف أن يخبر به ربّ السماء فأتى جبريل النبي صلّىالله عليه وسلّم وأخبره بما قالوا ، فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا فأنزل الله تعالى هذه الآية ، زجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال ، والازدراء بالفقراء ، فإن المدار على التقوى ، والجميع من آدم وحواء ، وإنما الفضل بالتقوى
وفي الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّىالله عليه وسلّم خطب بمكة فقال : يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيّة الجاهلية وتعاظمها بآبائها ، فالناس رجلان : رجل برٌّ تقيٌّ كريم على الله ، وفاجرٌ شقيٌّ هيّنٌ على الله ، والناس بنو آدم ، وخلق الله آدم من تراب ، قال تعالى : ( يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )
قال ابن كثير : وقوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) أي إنما تتفاضلون عند الله تعالى بالتقوى لا بالأحساب ، وقد وردت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلّىالله عليه وسلّم ، ثم ذكر جملة من الأحاديث ، فمنها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سُئل رسول صلّىالله عليه وسلّم أيُّ الناس أكرم ؟ قال : ( أكرمهم عند الله أتقاهم ) قالوا : ليس عن هذا نسألك ، قال : ( فأكرم الناس يوسف ، نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ) قالوا : ليس عن هذا نسألك ، قال : ( فعن معادن العرب تسألونني ؟ ) قالوا : نعم ، قال : (فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا) رواه البخاري
ومنها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّىالله عليه وسلّم : ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم
ومنها عن أبي ذر رضي الله عنه قال : إن النبي صلّىالله عليه وسلّم قال له : ( انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلاّ أن تفضله بتقوى الله ) تفرد به أحمد رحمه الله
ومنها عن حبيب بن خراش العصري أنه سمع رسول الله صلّىالله عليه وسلّم يقول : (المسلمون إخوة لافضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى) رواه الطبراني
ومنها عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّىالله عليه وسلّم :كلكم بنو آدم ، وآدم خُلق من التراب ، ولينتهين قومٌ يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان ) رواه البزار ثم قال : لانعرفه عن حذيفة إلاّ من هذا الوجه
No comments:
Post a Comment